💠 فضل ذكر الله 💠
هذا الموضوع يناقش النقاط التالية:
- ما أفضل ما يفعله الانسان في يومه ؟
- آيات في فضل الذكر و الدعاء ..
- متى نذكر الله ؟
- حث النبي (ﷺ) على ذكر الله تعالى ؟
- ما الأمثال الثلاثة المضروبة للزهراوين؟
- ما أجر الحرف الواحد من القرآن ؟
- و كم عدد حروف القرآن ؟
- كيف كان استغفار النبي (ﷺ).
- ما هو سيد الاستغفار ؟
تفضلوا الإيضاح في المقطع التالي:👇👇
أجزاء المقطع: 👇👇
00:00 - مقدمة ..
00:37 - استفسارات اجاب الشيخ عنها في هذا الفيديو ..
01:35 - البدء بحمد الله تعالى ..
01:58 - أفضل ما يفعله الانسان في يومه ..
02:42 - آيات في فضل الذكر و الدعاء ..
03:30 - متى نذكر الله تعالى ؟ ..
04:09 - حث النبي (ﷺ) على العناية بالقرآن ..
05:33 - ثلاثة أمثال لسورتي البقرة و آل عمران (الزهراوين) ..
06:02 - أجر الحرف الواحد من كتاب الله ، و كم عدد حروفه ..
06:55 - فضل الذكر عموما ..
08:24 - كثرة استفغفار النبي (ﷺ) ، و سيد الاستغفار ..
09:37 - خاتمة و دعاء ..
رابط المقطع: 👇👇
و أنقل لكم بعض المواضيع المتعلقة بموضوعنا فيما يلي:
هذه خطبة جميلة للشيخ / عبدالرزاق البدر حفظه الله في فضل ذكر الله تعالى ..👇
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
معاشر المؤمنين عباد الله، اتقوا الله فإن من اتقى الله وقاه، وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه.
عباد الله:
إن أزكى الأعمال وخير الخصال وأحبَّها إلى الله ذي الجلال ذكر الله تعالى، روى الترمذي وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فيضربوا أعناقكم وتضربوا أعناقهم"، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "ذكر الله تعالى".
الذّاكرون الله تعالى هم السباقون في ميدان السير إلى الله والدار الآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ" قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ".
وهؤلاء عباد الله هم الذين أعدّ الله لهم النزل الكريمة والثواب العظيم، ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35] ذكر الله عباد الله هو حياة القلوب، فلا حياة لها إلا به، روى البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت".
وليس للقلوب قرار ولا طمأنينة ولا هناءة ولا لذة، ولا سعادة إلا بذكر الله تعالى، ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، ذكر الله تعالى هو الفرج بعد الشدَّة، واليسر بعد العسر، والفرح بعد الغم والهم، وهو تفريج الكربات، وتيسر الأمور، وتحقق الراحة والسعادة في الدنيا والآخرة، وما عولج كرب ولا أزيلت شدَّة بمثل ذكر الله تبارك وتعالى، وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول في الكرب: "لا إله إلا الله العظيم، لا إله إلا الله الحليم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم"، ويقول عليه الصلاة والسلام: "دعوة ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، ما دعا بها مكروب إلا فرَّج الله كربه".
ذكر الله عباد الله، جالب للنعم، جالب للنعم المفقودة، وحافظ للنعم الموجودة، فما استجلبت نعمة وما حفظت نعمة بمثل ذكر الله تبارك وتعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]ذكر الله جلَّ وعلا محطُّ الأوزار وتكفير السيِّئات ورفعة الدرجات، وعلو المنازل عند الله تبارك وتعالى، فما حُطَّت الأوزار بمثل ذكره سبحانه، روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله تبارك وتعالى"، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر"، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
وذكر الله تعالى غراس الجنة فما غرست الجنة بمثل ذكره، يقول عليه الصلاة والسلام: "من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة" رواه الترمذي. وروى الترمذي أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لقيت إبراهيم الخليل ليلة أسري بي فقال لي: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة قيعان وأنها طيبة التربة عذبة الماء وأخبرهم أن غراسها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر".
ذكر الله - عباد الله - كلمات خفيفة على اللسان لاتكلِّف العبد جهدا، ولا يناله منها مشقة، إلا أن لها ثواب عظيم وأجر جزيل، وهي حبيبة إلى الله عزَّ وجلّ روى البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم".
عباد الله:
وذكر الله جلَّ وعلا هو الطارد للشياطين والمخلِّص من وساوسها وشرورها وكيدها وحبائلها ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [فصلت: 36]، ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ﴾ [المؤمنون: 97، 98]، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201] ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36].
عباد الله:
إن ثمار الذكر على أهله، وفوائده على أصحابه المحافظين عليه لا تعدُّ ولا تُحصى، وهذه نصيحة أقدمها لنفسي ولأخواني، أن نقرأ كتاب: الوابل الصيب في الكلم الطيب للعلامة ابن القيم رحمه الله، فقد عدَّد فيه رحمه الله فوائد عظيمة تزيد على السبعين فائدة لذكر الله تبارك وتعالى، وعندما تقف على هذه الفوائد العظيمة يزداد حرصك وتعظم رغبتك في المحافظة على ذكر الله، جعلنا الله أجمعين من الذاكرين لله حقّا، والمحافظين على طاعته وعبادته صدقا، وهدانا أجمعين لأقرب من هذا رشدا، إنه تبارك وتعالى سميع وهو أهل الرجاء، وحسبنا ونعم الوكيل.
الخطبة الثانيه
الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: عباد الله:
اتقوا الله تعالى - عباد الله - لقد تكاثرت النصوص في الكتاب والسنة وتضافرت الدلائل فيهما في الحث على ذكر الله، والأمر بذكره سبحانه بالكثرة وبيان ثواب المكثرين من ذكر الله في آيات كثيرة، وأحاديث عديدة، صحَّت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 41 - 43] يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "فإذا فعلتم ذلك، أي: أكثرتم من ذكر الله تعالى ، صلى الله عليكم وملائكته". ويقول الله تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]، ويقول الله تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45]، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي فيها الحث على الإكثار من ذكر الله والأمر بذكره سبحانه بالكثرة، وهاهنا عباد الله يقول العلماء في كتب التفسير وشروحات الحديث: إن المسلم إذا واظب على أذكار الصباح والمساء وأدبار الصلوات وأذكار النوم، والأذكار التي تقال في الدخول والخروج وعند الركوب وعند الطعام وعند الشراب وبعد الفراغ منه، إلى غيرها من الأذكار الموظفة للمسلم في أيامه ولياليه، مع عناية منه بالذكر المطلق كتب بذلك من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات الذين أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيماً، والكيس - عباد الله - من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، وصلوا وسلموا - رعاكم الله- على إمام الذاكرين، وقدوة الموحدين؛ محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: "من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشرا"، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
فضل ذكر الله تعالى
1- ذكر الله سبب من أسباب ذكر الله لك في الملأ الأعلى:
قال الله تعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152].
2- ذكر الله سبب من أسباب صلاة الله عليك وصلاة الملائكة أيضًا:
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 41 - 43].
3- ذكر الله سبب من أسباب مغفرة الله لك:
قال الله تعالى ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].
4- إذا ذكرت الله في ملأ ذكرك الله في ملأ خير منه:
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليَّ بشبر تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة[1].
5- ذكر الله سبب من أسباب إعانة الله لك:
روى ابن ماجه وصححه الألباني عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه[2].
6- أكثر من ذكر الله اقتداءً بحبيبك صلى الله عليه وسلم:
روى مسلم عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه[3].
7- ذكر الله خير من إنفاق الذهب والفضة:
روى الترمذي وصححه الألباني عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: وذلك ما هو يا رسول الله؟ قال: ذكر الله عز وجل[4].
8- ذكر الله سبب من أسباب نزول السكينة وإحاطة الملائكة لك:
روى مسلم عن الأغر أبي مُسلم أنه قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أنهما شهدا على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يقعُد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده[5].
9- دعاء يجمع خيري الدنيا والآخرة:
روى مسلم عن طارق بن أشيم بن مسعود أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل، فقال: يا رسول الله، كيف أقول حين أسأل ربي؟ قال: قُل: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني، ويجمع أصابعه إلا الإبهام، فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك[6].
10- ذكر الله يرطب اللسان:
روى الترمذي وقال: حسن غريب، عن عبدالله بن بُسر رضي الله عنه أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثُرت عليَّ، فأخبرني بشيء أتشبث به، قال: لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله[7].
11- ذكر الله حياة القلوب:
روى البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت[8].
روى مسلم عن أبي بُردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل البيت الذي يُذكر الله فيه، والبيت الذي لا يُذكر الله فيه مثل الحي والميت[9].
12- الذكر الدائم يجعلك تسبق غيرك إلى الله:
روى مسلم عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة، فمر على جبل يُقال له جُمدان، فقال: سيروا هذا جُمدان سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات[10].
13- الذكر يحصن العبد من وسوسة الشيطان:
روى الترمذي وقال: حسنٌ صحيحٌ، عن الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، وإنه كاد أن يبطئ بها، فقال عيسى: إن الله أمرك بخمس كلمات لتعمل بها وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإما أن تأمرهم وإما أن آمرهم، فقال يحيى: أخشى إن سبقتني بها أن يُخسف بي أو أُعذب، فجمع الناس في بيت المقدس فامتلأ المسجد، وتعدوا على الشُّرف، فقال: إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهنَّ، أوَّلهنَّ أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدًا من خالص ماله بذهب أو ورق، فقال: هذه داري وهذا عملي، فاعمل وأدِّ إلي فكان يعمل ويؤدي إلى غير سيده، فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك، وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا، فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت، وآمركم بالصيام فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرةٌ فيها مسك، فكلهم يعجب أو يعجبه ريحها، وإن ريح الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وآمركم بالصدقة، فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عُنقه، وقدموه ليضربوا عُنقه، فقال: أنا أفديه منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم، وآمركم أن تذكروا الله، فإن مثل ذلك كمثل رجُل خرج العدو في أثره سراعًا، حتى إذا أتى على حصن حصين، فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يُحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنا آمركم بخمس، الله أمرني بهن: السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر، فقد خلع رِبقة الإسلام من عُنقه إلا أن يرجع، ومن ادعى دعوى الجاهلية، فإنه من جُثا جهنم، فقال رجلٌ: يا رسول الله وإن صلى وصام؟ قال: وإن صلى وصام، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عبادَ الله[11].
[1] متفق عليه: رواه البخاري «7405» ومسلم «2675».
[2] صحيح: رواه ابن ماجة «3792» وصححه الألباني في صحيح الجامع «1906».
[3] صحيح: رواه مسلم «373».
[4] صحيح: رواه الترمذي «3377» وصححه الألباني في صحيح الجامع «2629».
[5] صحيح: رواه مسلم «2700».
[6] صحيح: رواه مسلم «2697».
[7] حسن غريب: رواه الترمذي «3375» وقال: حسن غريب.
[8] صحيح: رواه البخاري «6407».
[9] صحيح: رواه مسلم «6407».
[10] صحيح: رواه مسلم «2676».
قال ابن قتيبة وغيره: وأصل المفردين الذين هلك أقرانهم وانفردوا عنهم وبقوا يذكرون الله تعالى.
[11] حسن صحيح: رواه الترمذي «2863» وقال: حسن صحيح.
و هذا جواب من الشيخ ابن باز رحمه الله عن سؤال حول آداب و شروط الدعاء:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فإن الله تعالى شرع لعباده الدعاء، وأمرهم بذلك، ووعدهم الإجابة، فقال سبحانه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، وقال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة:186].
والدعاء له شروط من أهمها: حضور القلب، كون الإنسان يدعو بقلب حاضر، خاشع لله، يعلم أنه سبحانه مجيب الدعاء، وأنه القادر على كل شيء -جل وعلا-، هذا من أهم شرائط الإجابة، ما يدعو بقلب غافل معرض لا، يقبل على الله بقلبه، يرجو إجابته، يعلم أنه سبحانه هو القادر على كل شيء، وأنه هو الغني الحميد، وأنه الحكيم العليم.
ومن ذلك: الحذر من أكل الحرام، كون الإنسان يعتني بمأكله ومشربه وملبسه بأن يكون من الحلال، ويبتعد عما حرم الله عليه من الربا، وسائر الأكساب المحرمة، يقول النبي ﷺ: إن الله تعالى طيب، ولا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون:51] وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ [البقرة:172] ثم ذكر الرجل، يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام؛ فأنى يستجاب لذلك أخرجه مسلم في صحيحه، وهذا وعيد شديد يدل على أن تعاطي الحرام في المأكل والمشرب والملبس من أعظم أسباب حرمان الإجابة.
ومن ذلك أيضًا: أن يتحرى أوقات الإجابة، من أسباب الإجابة أن يتحرى أوقات الإجابة في جوف الليل، وآخر الليل، الثلث الأخير، أو بين الأذان والإقامة، وآخر الصلاة قبل أن يسلم بعدما يقرأ التحيات، والصلاة على النبي ﷺ، والتعوذ بالله من أربع، يدعو قبل أن يسلم.
كذلك ما بين أن يجلس الإمام لخطبة الجمعة، إلى أن تقضى الصلاة، إذا دعا في هذه الحال في سجوده، أو في آخر الصلاة قبل أن يسلم يوم الجمعة، وهكذا آخر ساعة من يوم الجمعة من بعد العصر، كل هذه من أوقات الإجابة.
فالمشروع للمؤمن في حال الدعاء أن يقبل على الله بقلب حاضر، وأن يجتهد في الإخلاص لله، وحسن الظن به -جل وعلا-، ويلح في الدعاء، ويكرر، ويسأل الله بأسمائه وصفاته وتوسله -جل وعلا- بذلك ، مع ملاحظة ما ذكرنا من الحذر من التلبس بالحرام أكلًا أو شربًا أو ملبسًا، أو غير ذلك.
نسأل الله أن يوفق المسلمين جميعًا لما يرضيه، وأن يمنح الجميع الاستقامة على الحق.
أماكن وأوقات إجابة الدعاء
أوقات الدعاء المستجاب وأماكنه كثيرة جداً وهذه جملة منها :
1. ليلة القدر فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة لما قالت له : أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟
قال : قولي " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ".
2. الدعاء في جوف الليل وهو وقت السحر ووقت النزول الإلهي فإنه سبحانه يتفضل على عباده فينزل ليقضي حاجاتهم ويفرج كرباتهم فيقول : " من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له" رواه البخاري (1145)
3. دبر الصلوات المكتوبات وفي حديث أبي أمامة " قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال جوف الليل الآخر ، ودبر الصلوات المكتوبات" رواه الترمذي (3499) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وقد اختلف في دبر الصلوات - هل هو قبل السلام أو بعده ؟.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أنه قبل السلام ، قال ابن تيمية : " دبر كل شيء منه كدبر الحيوان " زاد المعاد(1/305) ، وقال الشيخ ابن عثمين : " ما ورد من الدعاء مقيداً بدبر الصلاة فهو قبل السلام وما ورد من الذكر مقيداً بدبر الصلاة ، فهو بعد الصلاة ؛ لقوله تعالى : " فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ" انظر كتاب الدعاء للشيخ محمد الحمد ص (54).
4. بين الأذان والإقامة فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة ) رواه أبو داود (521) والترمذي (212) وانظر صحيح الجامع (2408) .
5. عند النداء للصلوات المكتوبة وعند التحام الصفوف في المعركة كما في حديث سهل بن سعد مرفوعاً : " ثنتان لا تردان ، أو قلما تردان الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضاً " رواه أبو داود وهو صحيح انظر صحيح الجامع (3079 )
6. عند نزول الغيث كما في حديث سهل بن سعد مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ثنتان ما تردان : ( الدعاء عند النداء وتحت المطر ) رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع (3078 ).
7. في ساعة من الليل كما قال عليه الصلاة والسلام :" إن في الليل ساعة لا يوافقها مسلم يسأل خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة" رواه مسلم ( 757).
8. ساعة يوم الجمعة .
فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال : ( فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه ) وأشار بيده يقللها . رواه البخاري (935) ومسلم (852).
انظر سؤال رقم ( 21748 )
9. عند شرب زمزم فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ماء زمزم لما شرب له " رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع " (5502)
10. في السجود قال صلى الله عليه وسلم : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " رواه مسلم (482).
11. عند سماع صياح الديكة لحديث : " إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله ، فإنها رأت ملكاً " رواه البخاري (2304) ومسلم (2729).
12. عند الدعاء بـ" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم : أنه قال : " دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له " رواه الترمذي وصححه في صحيح الجامع (3383) قال القرطبي في تفسير قوله تعالى : ( وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ).
قال رحمه الله : في هذه الآية شرط الله لمن دعاه أن يجيبه كما أجابه وينجيه كما نجاه وهو قوله: ( وكذلك ننجي المؤمنين ) الجامع لأحكام القرآن (11/334).
13. إذا وقعت عليه مصيبة فدعا بـ "إنا لله إنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها " فقد أخرج مسلم في صحيحه (918) عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها " رواه مسلم (918).
14. دعاء الناس بعد قبض روح الميت ففي الحديث أن النبي صلى الله دخل على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال : " إن الروح إذا قبض تبعه البصر ، فضج ناس من أهله فقال : لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون " رواه مسلم (2732).
15. الدعاء عند المريض : فقد أخرج مسلم (919) عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت : قال صلى الله عليه وسلم : " إذا حضرتم المريض فقولوا خيراً فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون .. قالت : فلما مات أبو سلمة أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إن أبا سلمة قد مات، فقال لي : قولي : اللهم اغفر لي وله وأعقبني منه عقبى حسنة " قالت : فقلت فأعقبني الله من هو خير لي منه ، محمداً صلى الله عليه وسلم ".
16. دعوة المظلوم وفي الحديث : " واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " رواه البخاري (469) ومسلم (19) وقال عليه الصلاة والسلام : " دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ؛ ففجوره على نفسه " رواه أحمد وانظر صحيح الجامع (3382).
17. دعاء الوالد لولده – أي : لنفعه - ودعاء الصائم في يوم صيامه ودعوة المسافر فقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ثلاث دعوات لا ترد : دعوة الوالد لولده ، ودعوة الصائم ودعوة المسافر " رواه البيهقي وهو في صحيح الجامع (2032) وفي الصحيحة (1797).
18. دعوة الوالد على ولده – أي : لضرره - ففي الحديث الصحيح : " ثلاث دعوات مستجابات : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده " رواه الترمذي (1905) وانظر صحيح الأدب المفرد (372)
19. دعاء الولد الصالح لوالديه كما ورد في الحديث الذي أخرجه مسلم (1631) : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به )
20. الدعاء بعد زوال الشمس قبل الظهر فعن عبد الله بن السائب – رضي الله عنه أن رسول الله كان يصلي أربعاً بعد أن تزول الشمس قبل الظهر وقال : " إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح " رواه الترمذي وهو صحيح الإسناد انظر تخريج المشكاة (1/337) .
21. الدعاء عند الاستيقاظ من الليل وقول الدعاء الوارد في ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم : " مَنْ تَعَارَّ ( أي : استيقظ )مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ " رواه البخاري (1154) .
تعليقات
إرسال تعليق