القائمة الرئيسية

الصفحات

🛑 تزكية النفس - الحلقة ٢٤ - أحوال النفس البشرية ج١ 🛑

🛑  أحوال النفس البشرية 🛑

- تزكية النفس - الحلقة ٢٤ الجزء الأول


في هذه الحلقة: 👇👇

النفس البشرية عالم من الأسرار ..
لماذا نحتاج الى معرفة أحوال النفس ؟
ما هي مسألة البين ؟
ما أقسام الناس مع أنفسهم؟
هل ظفرت بنفسك ؟ ام هي ظفرت بك؟
داعيين للقلب ، ما هما ؟
ثلاث أنفس ؟  أم ثلاثة أوصاف ؟

شاهد المقطع التالي  .. 👇👇


أجزاء المقطع: 👇👇

00:00 -  مقدمة عن تزكية النفس و تساؤلات ملحة ..
01:56 - معرفة أحوال النفس ضرورة لصحة التعامل معها
02:18 - مسألة البين.
04:11 - أقسام الناس مع أنفسهم
07:11 - الظفر بالنفس
08:31 - القلب بن داعيين.
10:15 - أوصاف النفس الثلاثة
11:33 - الأولى : المطمئنة.

رابط المقطع: 👇👇


رمز سريع للسلسلة: 👇👇



نص كلام المؤلف حفظه الله:


(أحوال النفس  و محاسبتها)


اتفق السالكون إلى الله على اختلاف طرقهم وتباين سولكهم على أن النفس قاطعة بين القب وبين الصول إلى الربّ ، وأنه لايدخل عليه سبحانه ولا يوصل إليه إلا بعد إماتتها، وتركها بمخالفتها ، والظفر بها.


فإن الناس على قسمين: قسم ظفرت به نفسه فملكته وأهلكته، وصار طوعاً لها تحت أوامرها ، وقسمٌ ظفروا بنفوسهم فقهروها فصارت  طوعاً لهم ، منقادة لأوامرهم .


لا بعض العارفين: انتهى سفر الطالبين إلى الظفر أنفسهم ، فمن ظفر بنفسه أفلح وأنجح، ومن ظفرت به نفسه خسر وهلك ، قال الله تعالى : 

﴿ فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا  فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى  وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ ( النازعات: الآية : 37-41 ) .


والنفس تدع إلى الطغيان ، وإيثار الحياة الدنيا والربّ يدعو عبده إلى خوفه ونهى النفس عن الهوى، والقلبُ بين الداعيين، يميل إلى هذا الداعى مرة , وإلى هذا مرة ، وهذا موضع المحنة والإبتلاء ، وقد وصف الله  سبحانه النفس فى القرآن بثلاث صفات : المطمئنة ، واللوامة ، والأمارة  بالسوء فاختلف الناس : هل النفس واحدة وهذه أوصاف لها، أم  للعبد ثلاثة أنفس ؟ . 


فالأول قول الفقهاء والمفسرين ، والثانى قول كثير من أهل التصوف، والتحقيق : أنه لانزاع بين الفريقين، فإنها واحدة باعتبار ذاتها وثلاثة باعتبار صفاتها .


الأولى: النفس المطمئنة : 


إذا سكنت النفس إلى الله عزّ وجلّ واطمأنت بذكره، وأنابت إليه، واشتاقت إلى لقائه، وأنست بقربه ، فهى مطمئنة ، وهى التى يقال لها عند الوفاة . 


﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة ﴾ (الفجر : 27-28 ) .


قال ابن عباس رضي الله عنهما: المطمئنة المصدقة، وقال قتادة : هو المؤمن اطمأنت نفسه إلى ما وعد الله ، وصاحبها يطمئن فى باب معرفة أسمائه وصفاته إلى خبره الذى أخبر عن نفسه وأخبر به عند رسوله ص ثم يطمئن إلى خبره عما بعد الموت من أمور البرزخ وما بعده من أحوال القيامة حتى كأنه يشاهد ذلك كله عياناً ،ثم يطمئن إلى قدر الله عزّ وجلّ فيسلم له ويرضى ن فلا يسخط ، ولا يشكو، ولا يضطرب إيمانه، فلا يأسى على ما فاته ، ولا يفرح بما آتاه ، لأن المصيبة فيهمقدرة  قبل أن تصل إليه ، وقبل أن يخلق ، قال تعالى : ﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إلاّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ   (التغابن : من الآية 11) .


قال غير واحد من السلف : هو العبد تصيبه المصيبة فيعلم أنا من عند الله فيرضى ويسلم . 


وأما طمأنينة الإحسان فهى الطمأنينة إلى أمره امتثالاً وإخلاصاً ونصحاً ، فلا يقدم على أمره إرادة ولا هوى ، ولا تقليداً ، ولا يساكن شبهة تعارض خبره، ولا شهوة تعارض أمره ، بل إذا مرّت به أنزلها منزلة الوساوس التى لئن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن  يجدها، فهذا كما قال النبى  : " صريح  الإيمان( ) ،  وكذلك يطمئن  من قلق المعصية ، وانزعاجها إلى سكون التوبة وحلاوتها . 


فإذا اطمأن من الشكّ إلى اليقين، ومن الجهل إلى  العلم، ومن الغفلة إلى الذكر، ومن الخيانة إلى التوبة ومن الرياء إلى الإخلاص،ومن الكذب إلى الصدق، ومن العجز إلى الكيس ، ومن صولة العجب إلى ذلة الإخبات ، ومن التيه إلى التواضع، فعند ذلك تكون نفسه مطمئنة . 


وأصل ذلك كله هى اليقظة ، التى كشفت عن قلبه سِنة الغفلة وأضاءت له قصور الجنة ، فصاح قائلاً : 

ألا يا نفس ويحك ساعدينى         بسعى منك فى ظلم الليالى

لعلك فى القيامة أن تفوزى        بطيب العيش فى تلك العلالى


فرأى فى ضوء هذه اليقظة ما خلق له، وما سيلقاه بين يديه من حين الموت إلى دخول دار القرار، ورأى سرعة انقضاء الدنيا ، وقلة وفائها  لبنيها وقتلها لعشاقها ، وفعلها بهم أنواع المثلات ، فنهض فى ذلك الضوء على ساق عزمه قائلاً :﴿ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ   (الزمر : من الآية 56) .


فاستقبل بقية عمره مستدركاً ما فات ، محيياً ما مات ، مستقبلاً ما تقدم له من العثرات، منتهزاً فرصة الإمكان التى إن فاتت فاته جميع الخيرات، ثم يلحظ فى نور تلك اليقظة وفور نعمة ربه عليه ، ويرى أنه  آيسٌ من حصرها وإحصائها ، عاجزٌ عن آداء حقها ، ويرى فى تلك  اليقظة عيوب نفسه ، وآفات عمله ، وما تقدم له من الجنايات والإساءات والتقاعد عن كثير من الحقوق والواجبات ،فتنكسر نفسه وتخشع جوارجه ، ويسير إلى الله ناكس الرأس بين مشاهدة نعمه،  ومطالعة جناياته ، وعيوب نفسه ، ويرى أيضاً فى ضوء تلك اليقظة عزة وقته ، وخطره ، وأنه رأس مال سعادته فيبخل به فيما لا يقربه إلى ربه ، فإن فى إضاعته  الخسران والحسرة ، وفى حفظه الربح والسعادة .


فهذه آثار اليقظة وموجباتها ، وهى أول منازل النفس المطمئنة التى  ينشأ منها سفرها إلى الله والدار الآخرة. 






 

تعليقات