🛑 أحوال النفس البشرية - الجزء الثاني 🛑
- تزكية النفس - الحلقة ٢٥
في هذه الحلقة: 👇👇
أجزاء المقطع: 👇👇
رابط المقطع: 👇👇
https://youtu.be/W9FYXFZIIb8رمز سريع للسلسلة: 👇👇
نص كلام المؤلف حفظه الله:
(أحوال النفس و محاسبتها)
النفس اللوامة
قالت طائفة : هى التى لاتثبت على حال واحدة ، فهى كثيرة التقلب والتلون، فتذكر وتغفل ، وتقبل وتعرض ، وتحب وتبغض ، وتفرح وتحزن ، وترضى وتغضب ، وتطيع وتتقى .
وقالت أخرى : هى نفس المؤمن ، قال الحسن البصرى: إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه دائماً يقول : ما أردت هذا ؟ لم فعلت هذا ؟ كان هذا أولى من هذا ؟ أو نحو هذا الكلام .
وقالت أخرى : اللوم يوم القيامة ، فإن كلّ أحد يلوم نفسه إن كان مسيئاً على إساءته ، وإن كان محسناً على تقصيره .
يقول الإمام ابن القيّم : وهذا كله حق .
واللوامة نوعان : لوامة ملومة ، ولوامة غير ملومة .
اللوامة الملومة : هى النفس الجاهلة الظالمة ، التى يلومها الله وملائكته.
اللوامة غير الملومة : وهى التى لاتزال تلوم صاحبها على تقصيره فى طاعة الله - مع بذله جهده – فهذه غير ملومة وأشرف النفوس من لامت نفسها فى طاعة الله، واحتملت ملام اللوام فى مرضاته، فلا تأخذها فى الله لومة لائم ، فهذه قد تخلصت من لوم الله، وأما من رضيت بأعمالها ولم تلم نفسها، ولم تحتمل فى الله ملام اللوام ، فهى التى يلومها الله عز وجلّ .
النفس الأمارة السوء :
وهذه النفس المذمومة ، فإنها تأمر بكل سوء ،وهذا من طبيعتها ، فما تخلص أحد من شرها إلا بتوفيق الله ، كما قال تعالى حاكياً عن أمرأة العزيز:
وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (يوسف : الآية ٥٣) .
وقال عز وجل : ولولاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا (النور : من الآية ٢١) .
وكان (ﷺ) يعلمهم خطبة الحاجة : " إن الحمد الله نحمده ، ونستعينه، ونسنغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا " ( ) .
فالشر كامنٌ فى النفس ، وهو يوجب سيئات الأعمال ، فإذا خلى الله بين العبد وبين نفسه هلك بين شرها ،ـ وما تقتضيه من سيئات الاعمال وإن وفقه الله وأعانه نجا من ذلك كله .
فنسأل الله العظيم أن يعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .
وخلاصة القول : إن النفس واحدة تكون: أمارة ، ثم لوامة ،ثم مطمئنة وهى غاية كمالها وصلاحها.
والنفس المطمئنة قرينها الملك، يليها، ويسددها، ويقذف فيها الحق، ويرغبها فيه ، ويريها حسن صورته ويزجرها عن الباطل ويزهدها فيه، ويريها قبح صورته، وبالجملة فما كان لله وبالله فهو من عند النفس المطمئنة، وأما النفس الأمارة فجعل الشيطان قرينها ، وصاحبها الذى يليها ،فهو يعدها ، ويمنيها، ويقذف فيها الباطل ، ويأمرها السوء ، ويزينهلها ، ويطيل فى الأمل ، ويريها الباطل فى صورة تقبلها وتستحسنها.
فالنفس المنطمئنة والملك يقتضيان من النفس المطمئنة : التوحيد، والإحسان والبر والتقوى ، والتوكل والتوبة ، والإنابة والإقبال على الله ، وقصر الأمل ، والإستعداد للموت وما بعده .
والشيطان وجنده من الكفرة يقتضيان من النفس الأمارة ضد ذلك وأصعب شىء على النغس المطمئنة تخليص الأعمال من الشيطان ومن الأمارة فلو وصل منها عمل واحد لنجا به العبد ، ولكن أبت الأمارة والشيطان أن يدعا له عملاً واحداً يصل إلى الله ،كما قال بعض العارفين بالله وبنفسه " والله لو أعلم أن لى عملاً واحداً وصل إلى الله لكنت أفرح بالموت من الغائب يقدم على أهله" ، وقال عبد الله بن عمر : " لو أعلم أن الله قبل منى سجدة واحدة لم يكن غائب أحب إلى من الموت ".
وقد انتصبت الأمارة فى مقابلة المطمئنة ، فكلما جاءت به تلك من خير ضاهتها هذه وجاءت من الشر بما يقابله حتى تفسده عليها، وتريه حقيقة الجهاد فى صور تقتيل النفس ، وتنكح الزوجة ، ويصير الأولاد يتامى ويقسم المال وتريه حقيقة الزكاة والصدقة فى صورة مفارقة المال ونقصه، وخلو اليد منه ، واحتياجه إلى الناس ، ومساواته للفقير .

تعليقات
إرسال تعليق